تربية طفل مرن
هل تسمعين أمهات يقلن أشياء كـ: طفلي لا يتكلّم بعد، ولدي لا يستطيع العدّ، أو أصبح عمر إبنتي سنة ولا تستطيع المشي بعد؟ تركّز بعض الأمهات على ما لا يستطيع الطفل فعله بدلاً من التركيز على الجهود العظيمة التي يبذلها، وكيف أنه يبني مرونته؟
قال توماس إديسون يوماً، "لم أفشل. لقد وجدت 10000 طريقة لن تنجح".
ذاً ما هي المرونة؟
يسلّط توماس إديسون الضوء على المرونة. في حالته، إن الطرق الـ10000 التي لم تنجح والتي تفسّر بسهولة على أنها فشل، قد أنتجت معرفة ومهارات قد تعلّمها وكسبها، حتى ولو لم تكن تلك هي الإجابات التي كان يبحث عنها حينها. تذكّري أن التعلّم هو تعلّم... وهو يُكتَسَب بفضل التجارب.
تتمحور الطفولة حول التجارب، الإختبارات، الفضوليّة، البحث، الإستكشاف، والتطوّر مع مرور الوقت. يتعلم طفلك من تجاربه الخاصة فهو لا يولد مع سابق معرفة- وقد يكرّر التجربة مرّات عدّة حتى يتعلّم مهارة معيّنة- ومع إديسون عدد التجارب كان 10000!
الحق يقال، ان الفشل هو الطريق نحو المرونة. الحقيقة هي أنه عليك أن ترغبي بأن يجرّب طفلك بعض "الفشل" في حياته. الفشل سيقوّي طفلك. هو ما سيعطيه الأدوات المطلوبة ليطوّر مهارات حلّ المشاكل، كي يفكّر، كي يتكيّف، كي يهدّئ من وقع المطبّات التي مرّ بها والكدمات التي تلقّاها، ويخفّف صراعاته الداخلية مثل الخوف من العتمة، مخاوفه الداخلية الخاصة به، المزاح المزعج في المدرسة، الخسارة، الصدمات وخيبات الأمل الأخرى.
كيف يمكنك كأم مساعدة طفلك كي يصبح أكثر مرونة؟
أولاً، إبني الثقة في نفس طفلك. من المؤكد أنك قرأت أنه كلّما أحسّ طفلك بالحب، بالثقة وبالأمان في وقت مبكر، كلّما كانت فرصتك أقوى بأنك تربّين طفلاً واثقاً عاطفياً. كوني موجودة، وكوني متزامنة مع إشارات طفلك. إنها الطريقة الوحيدة التي تخوّلك مساعدة طفلك على تخطي "فشله". للقيام بذلك، عليك أن تكوني موجودة بقربه بشكل فعّال، مقصود، مجدي، محترم ومقصود، عندما يخلق طفلك تجاربه الخاصة.
ثانياً: إبقي الأمور الأساسية في بالك. طفلك هو حقاً مرن. لا تشجّعي إحباطه بأن تتوقعي منه أن يقوم بأمور تتخطى قدراته التطوّرية. خطوات الطفل هي الطريق الى ذلك. فيما يكون طفلك مستقلا بشكل كامل ويحاول أن يتعلم كل تلك المهارات، راقبيه وحاولي أن تفهمي ما يحاول تعلّمه وفقط إدعميه، شجّعيه وسهّلي عمليّة التعلّم والفهم.
ثالثاً: تحدّي طفلك بتغيير بيئته، أكانت إجتماعية، جسدية أو تغييرات حسيّة- هذا سيمدّد إمكاناته ومهاراته الموجودة أصلاً كي يتكيّف مع التغيير. كل طفل يتعامل مع التغيير بشكل مختلف، فعليك أن تبدي الصبر، التفهم والدعم. إتركي طفلك يقود الطريق.
رابعاً: توقّفي، ركّزي وإستمعي لتري إذا كان طفلك يواجه أي خوف. إستمعي إليه وإلى توقعاته وحاولي أن تعالجي مخاوفه، همومه وعالجيها وفقاً لذلك. هل يخاف طفلك من صوت معيّن؟ من كلب؟ من شخص؟ لدى طفلك مخاوف داخلية خاصة به وتصوّرات حول الحياة فلا تتجاهليه. إتركيه ليتكلّم، ساعديه ليتحدث وفقط إستمعي إليه. تدخّلي عند الضرورة وساعديه على تسوية الموضوع ببطء.
وأخيراً، إحذري الإفراط في حمايته. هناك خط رفيع بين حمايته بطرق صحية والإفراط في حمايته الى درجة إحتجازه. ستكون الحياة دائماً بالنسبة لك ولطفلك مليئة بالتغييرات، التحوّلات، المفاجآت، الضغوط، الآلام، الفرح وغيرها من العوائق...أردنا ذلك أم لا، سيكافح طفلك لإيجاد طرق للتأقلم مع التغييرات الطارئة- ساعديه فقط على إيجاد التوازن. أعطه الادوات. علّميه على المهارات. لا تمنعي طفلك من تسلّق الدرج- سهّلي العملية بالوقوف ورائه وشجّعيه على التمسّك بالدّرابزين. لا تمنعي طفلك من إلتقاط الحصى من الأرض لخوفك من وضعها في فمه وإتساخه.
حدّثيه في ما الذي يريد فعله بالحصى، شاركيه بالتظاهر بأنك تلعبين معه (وإغسلي يديه حين تعودون الى البيت). لا تمنعيه من تجربة أمور جديدة بمفردهم لكن راقبي المخاطر المحتملة، إعترفي بإهتماماته، إنخرطي معه وأشرفي بحسب ذلك.
عزيزتي الأم، كونك أمّاً هو تحدٍ عظيم ومجزي. تشبّتي فقط في صورة طفلك المرن وإتركي التعلّم يأخذ مجراه. تمتّعي بذلك! لا نملك الأجوبة على كل شيء ولا نستطيع حمايتهم من كل شيء، لكن أطفالنا أنفسهم يلعبون دوراً مهماً في مساعدتنا على فهمهم، فقط إن سمحنا لهم بذلك.
Related articles